توجيهات وأفكار في تربية الصغار
الوسيلةُ السَّادسةُ والعشرون :
التغافُلُ عن الطِّفلِ وعدمُ فضحهِ إذا أخطأَ وحاولَ هو سترَ خطئه وإخفائه ، فإنَّ إظهارَ ذلك رُبَّما عوَّدَه وجرَّأَه على ارتكابِ الخطأِ مرَّةً أخرى وأصبحَ لا يبالي بظهورِ أخطائه .
ولذلك نقولُ للأبِ أو الأمِّ : إذا أخطأَ الطِّفلُ خطأً غيرَ مقصودٍ أو حرصَ الطِّفلُ على إخفاءِ ذلك الخطأِ فلا تفضَح الطِّفلَ، وإنَّما حاوِل التغافُلَ عنه وإظهارَ عدمِ انتباهِك لمثل هذا الأمرِ ، لأنَّه إذا تعوَّدَ كثرةَ المعاتبةِ خاصَّةً والصَّغيرُ كثيرُ الأخطاءِ غيرِ المقصودةِ فإنَّه إذا عادَ للخطأِ مرَّةً أخرى وتعوَّدَ على كثرةِ المعاتبةِ تعوَّدَ على الرُّجوعِ لهذه الأعمالِ أيضاً مرَّاتٍ وكرَّاتٍ .
وإن عاد للخطأِ الذي أخفاه ثانيةً فأقولُ : ينبغي أن يعاقَبَ سرَّاً وليس كلُّ خطأٍ أو زلَّةٍ توجِبُ العقابَ والزَّجْرَ .
الوسيلةُ السَّابعةُ والعشرون :
تذكيرُ الصَّغيرِ بوجهٍ مستمرٍّ بمواقفَ بطوليَّةٍ لأبناءِ الصَّحابةِ والسَّلَفِ الصَّالحِ y ليتأسَّى بهم وتمتلئَ نفسُه عزيمةً وقوَّةً .
فإنَّ الصِّغارَ يتعلَّقُون بالقصصِ ، بل يطلبُونها من آبائهم بإلحاحٍ ،فلماذا لا يروي الأبُ قصَّةً من هذه القصصِ لأولادِه قبلَ النَّومِ ويبسطُها لهم بأسلوبٍ يناسبُهم ؟!
وسيلحظُ الأبوان عندَ الاستمرارِ على هذا الأمرِ سعةَ ثقافةِ الصِّغارِ ونموَّ عقولِهم بسرعةٍ عجيبةٍ ،بعكسِ روايةِ القصَصِ الخياليَّةِ كما يفعلُ بعضُ الآباءِ.
الوسيلةُ الثَّامنةُ والعشرون :
الحرصُ على انتقاءِ المدرسةِ الجيِّدةِ بإدارتِها ومدرِّسيها ،فإنَّ هناك من المدارسِ من تحرصُ وتُخلِصُ في توجيهِ الصِّغارِ وإفادتِهم وزرعِ الخيرِ في نفوسِهم ، ولا أنسى ذلك الطِّفلَ الذي يردِّدُ ويحفظُ كثيراً من الأدعيةِ والأذكارِ فلمَّا سألتُه : من علَّمَك هذا ؟ قال : الأستاذُ فلان .
وجزى الله المخلِصين كلَّ خيرٍ وبرٍّ ،وسيرون أَثَرَ ذلك على أولادِهم ، وصدَق اللهُ عز وجل إذ قالَ ]وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا [ [الكهف:82]،وليحذر أولئك المدرِّسُون الذين لا همَّ لهم سوى ضياع الحصَصِ وانتظار آخرِ الشَّهرِ .
الوسيلةُ التَّاسعةُ والعشرون :
اعلم أيُّها الأبُ أنَّ لأكلِ الحلالِ أثَراً كبيراً وواضِحاً على صلاحِ الأولادِ ،وأنَّ لأكلِ الحرامِ أثراً كبيراً على فسادِهم وسوءِ أخلاقِهم ، وهذا أمرٌ محسوسٌ مُشاهَدٌ واللَّبيبُ بالإشارةِ يفهمُ ، فاحفَظ الله في أبناءِ المسلمين وأموالِهم يحفظك الله بمالِك وأولادِك ، والجزاءُ من جنسِ العملِ، وكما تدينُ تُدانُ .
الوسيلةُ الثلاثون :
على الآباءِ والأمَّهاتِ الاجتهادُ في توزيعِ الحبِّ والعواطفِ على جميعِ أولادِهم بالتساوي ، وقبولِهم جميعاً على علاَّتِهم ولا يفرِّقْ بينهم حتى وإن كان بعضُهم أفضلَ من بعضٍ ،ولا تعقُدْ المقارناتِ بينهم فإنَّ هذا كلَّه يولِّدُ فيهم الأحقادَ والضَّغائنَ .
ومثالُ هذا : بغضُ الولدِ الكبيرِ لأخيه الصَّغيرِ عندَما يجدُ أنَّ الاهتمامَ من الوالدين قد اتَّجَه نحوَ أخيه الصَّغيرِ ، فيلجَأُ إلى الإنطواءِ على النَّفسِ أو البكاءِ أو التبوُّلِ اللاإراديِّ ، أو رُبَّما ادَّعى المرضَ والألَمَ ليجذِبَ نظرَ والديه إليه ، فهذه الأحوالُ لا ينبغي أن يُساقَ الولَدُ إليها، بل ينبغي أخذُ الاحتياطاتِ اللازمةِ لمنعِ حدوثِ هذا ، فيُذكَرُ له أثناءَ الحملِ محاسنُ الطِّفلِ الجديدِ وأنَّه قادمٌ ليلعبَ معه إذا كبرَ وأنَّه يحبُّه .. إلى آخرِ ذلك مِمَّا يشعرُ الكبيرَ بحبِّ الصَّغيرِ له .